المرأة

غادة السمان.. الياسمينة الدمشقية التي حطمت المخابرات السورية أحلامها فحملت عارها وغادرت إلى لندن

[sc name=”ads1-2″ ]

مدى بوست – فريق التحرير

“لا يا وطني الحبيب، لا تجرني من عنقي ككلب صغير.. أريدك أن تحبني وتحترمني.. لا أن تعاملني كقاصر.. أو كمجـ ـرم عليه أن يقوم هو بإثبات براءته.. أريد أن أغادرك حين أشاء وأعود إليك حين يحلو لي”.

 بهذه الكلمات تختتم الأديبة السورية غادة السمان روايتها “يا دمشق وداعاً”، تلك الرواية التي شكل تاريخ صدورها عام 2015 حدثاً مهماً بحسب مجموعة من النقاد والكتّاب السوريين.

من  بين أولئك الكتّاب نضال معلوف رئيس تحرير موقع “سيريانيوز” الذي كتب عن الرواية قائلاً: “إن أكثر ما يلفت الانتباه في رواية غادة السمان يا دمشق وداعاً، هو توقيت إصدارها عام 2015، إذ تسرد أحداثاً كانت في ستينيات القرن الماضي تستحضر معها سيرتها الذاتية التي دفعت بها إلى الهجرة، ذلك المصير الذي يشبه مصير الكثير من السوريين اليوم”.

وقد عرضت “السمان” في سيرتها الذاتية بعض المعلومات عن ملاحقة أحد ضباط المخابرات السورية لها في ستينات القرن الماضي، مما جعلها تقرر الهجرة خارج البلاد سراً عن طريق التـ ـهريب.

اقرأ أيضاً: التقيا مرة واحدة لكن “الكبرياء السوري” منعهما من التواصل.. ما لا تعرفه عن “ستيف جوبز” وقصته مع والديه وشقيقتيه.. ورأيه بالثورات العربية!

وقالت أن ما دفعها لمغادرة سوريا هو محاولة ملازم في المخابرات السورية استغـ.ـلال حاجتها لاستخراج إذن سفر، حيث قايضها بمساعدتها مقابل إقامة علاقة معها، لكنها رفضت، فحاول تلفيق اتهامات خطيـ.ـرة بحقها، مما أجبرها على مغادرة البلاد هـ.ـرباً من بطـ.ـش النظام السوري، فتحـ.ـطم حلمها وعشقها للشام، وغادرت من غير رجعة.

من هي غادة السمان؟

الكاتبة والأديبة السورية غادة أحمد السمان من مواليد مدينة دمشق سنة 1942، تنحدر من أسرة دمشقية عريقة، وتربطها صلة قرابة مع الشاعر السوري الشهير نزار قباني.

عمل والدها “أحمد السمان” رئيساً للجامعة السورية ووزيراً للتعليم في سوريا لفترة قصيرة، وهو حاصل على شهادة دكتوراه في الاقتصاد السياسي، وكان محباً للعلم والآداب العالمية، الأمر الذي انعكس على شخصية ابنته وأعطتها أبعاداً مختلفة.

بداية أعمالها الأدبية

عـ.ـانت الأديبة السورية “غادة السمان” في بداياتها من المجتمع الشامي المحافظ، حيث نشأت في بيئة محافظة، لكن ذلك لم يثنيها عن مواصلة مشوارها الأدبي، فأصدرت مجموعتها القصصية الأولى تحت عنوان “عيناك قدري” سنة 1962، حيث نالت الإشادة لتقديمها أدباً مختلفاً عن الأدب النسوي السائد في تلك الحقبة على كافة المستويات الاجتماعية والنفسية والإنسانية.

وفي العام 1963 حصلت على شهادة الليسانس في الأدب الإنجليزي بعد تخرجها من جامعة دمشق، كما نالت درجة الماجستير في مسرح اللامعقول من الجامعة الأمريكية بالعاصمة اللبنانية بيروت، وعملت كصحفية تألقت وبزغ نجمها كأهم نجمات الصحافة في ذلك الوقت.

أصدرت “السمان” مجموعتها القصصية الثانية التي حملت عنوان “لا بحر في بيروت”، وذلك عام 1965، وغادرت بيروت بعدها لتتنقل بين معظم عواصم الدول الأوروبية، حيث عملت هناك كمراسلة صحفية، إذ استطاعت من خلال سفرها أن تحصل على المزيد من الثقافة والمعرفة، حيث ظهر ذلك جلياً عبر مجموعتها الثالثة “ليل الغرباء” التي كانت من أبرز مجموعاتها طوال مسيرتها الأدبية.

يمكنكم زيارة متجر مترو برازيل عبر الضغط هنا. 

كيف حملت عارها إلى لندن؟

في العام 1967 وإبان هـ.ـزيمة حزيران التي صُـ.ـدمت بنتائجها “غادة السمان”، كحال الكثيرين من جيلها آنذاك، في ذلك التاريخ كتبت مقالها المعروف والشهير الذي عنونته بـ “أحمل عـ.ـاري إلى لندن”، وقد اعتبرت حينها من الصحفيين القلائل الذين حذروا من استخدام مصطلح نكـ.ـسة، نتيجة لانعكاساته السلبـ.ـية على المواطن العربي.

بعد ذلك توقفت عن اصدار المجموعات القصصية أو الشعرية لفترة من الزمن نتيجة انشغالها في عملها الصحفي، حيث كتبت العديد من المقالات الصحفية كانت الأرض الخصبة التي زرعت فيها رواياتها الأدبي فيما بعد. 

أعمالها في سبعينات القرن الماضي

بعد توقفها عن إصدار المجموعات الأدبية لمدة 7 سنوات، أصدرت عام 1973 مجموعتها الرابعة بعنوان ” رحيل المرافئ القديمة”، حيث اعتبرت من أهم مجموعاتها بسبب القالب الأدبي المبتكر والتناغم بين الفكرة والسلوك.

علاف كتاب غادة السمان رحيل المرافئ القديمة
علاف كتاب غادة السمان رحيل المرافئ القديمة

قبل بداية العام 1975 بشهر واحد أصدرت روايتها “بيروت 75” حيث تحدثت فيها عن جمال بيروت الظاهري الذي يتخلله الكثير من التشـ.ـويه والاحتـ.ـقان في نسيج المجتمع البيروتي، إذ كانت تتنبأ بحدوث الحـ ـرب الأهلية التي نشبت بعد شهور قليلة من صدور الرواية، وفي عام 1977 أصدرت رواية ثانية تحت عنوان “كوابيس بيروت” سلطت الضوء من خلالها على مجريات الأحداث اللبنانية في تلك الفترة.

غادة واحدة من أهمّ الروائيين والروائيات العرب

تصنف “غادة السمان” على أنها واحدة من أهم الكتّاب العرب، وقد ذهب بعض النقاد لتصنيفها على أنها أهم من الكاتب الكبير “نجيب محفوظ”، ومن ين الأشياء التي ميزتها عن نظيراتها أن أدبها وعلى الرغم من وجود بعض الإشارة إلى الجنس إلا أنها كانت تستخدمه بطريقة ذكية تخدم السياق والحبكة الروائية، إذ لم تغريها الشهرة والرواج التي كانت بعض الكاتبات تحققه من خلال تقديم أدب لا يخلو من الإيحاءات الإبـ ـاحية.

زواج ناجح ومستقر

بخلاف الكثير من الكاتبات المبدعات، كان زواج “غادة السمان” من الدكتور بشير الداعوق أواخر الستينات زواجاً ناحجاً بكافة المقايس، حيث أنجبت منه ابنها الوحيد حازم الذي أسمته تيمناً باسم أحد ابطالها في مجموعة ليل الغرباء.

وقد شكّل زواجها في تلك الفترة مفاجأة وصـ.ـدمة للكثيرين بسبب اختلاف عاداتها وتقاليدها عن أطباع زوجها واختلاف انتماءات عائلتهما الحزبية.

اقرأ أيضاً: السوريون والمصريون يعرفونه.. من هو بطل ومهندس حـ.ـرب أكتوبر الذي عزله السادات وسجنه مبارك وكرّمته الثورة؟

لكن زواجهما استمر، لتبرهن “السمان”  أن المرأة الكاتبة المبدعة من الممكن أن تكون زوجة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتستطيع أن تقف بجانب زوجها في أصـ.ـعب الظروف وحتى اللحظات الأخيرة من حياته، بعد إصابته بمرض السـ ـرطان.

صورة جديدة للكاتبة غادة السمان
صورة جديدة للكاتبة غادة السمان (إندبندنت عربية)

رسائل غسان كنفاني

في عام 1993 نشرت “غادة السمان” مجموعة رسائل عاطفية كان قد أرسلها لها غسان كنفاني في ستينات القرن الماضي، مما فـ.ـجر بركان من الضجيج داخل الأوساط الأدبية والسياسية بعد نشرها للرسائل.

يمكنكم زيارة متجر مترو برازيل عبر الضغط هنا. 

فقد جمعتهما علاقة عاطفية لم تكن سرا آنذاك، وقد طالتها عدة اتهامات بسبب ذلك، وقيل أن نشرها للرسائل يعتبر جزء من المؤامـ.ـرة على القضية الفلسطينية التي كانت تواجه مأزق أوسلو وقت النشر.

غادة السمان وغسان كنفاني
غادة السمان وغسان كنفاني (إنترنت)

لماذا ترفض الحوارات التلفزيونية

منذ أن أجرت “غادة السمان” حواراً تلفزيونياً في القاهرة بمنتصف السبعينات، واكتشافها أن المذيعة المحاورة لم تقرأ أي عمل من أعمالها، وهي ترفض رفضاً قاطعاً إجراء أي حوارات تلفزيونية، إذ تعهدت بذلك بعد تلك الواقعة.

تعيش غادة السمان في باريس منذ أواسط الثمانينات، ومازالت تردد ما جاء في روايتها “يا دمشق وداعاً” إذ قالت فيها: “أقرع الأسوار اللامرئية لدمشق تحت المطر، وأنا أنتحب تمردي وأصرخ بوطني.. أنت علمتني رفض الـ.ـذل على طول تاريخك مع الفاتحين، فلماذا تذلني الآن ؟”.

صورة للكاتبة غادة السمان أيام شبابها
صورة للكاتبة غادة السمان أيام شبابها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى