الدنمارك بالعربي

“تهديد أمن الدولة” و”الكذب” مدخلان للتجريد من الجنسية الدنماركية



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

فتحت قضية تجريد الدنماركي (سابقا)-المغربي سعيد منصور(58 عاما) بعد حكم أيدته المحكمة العليا في كوبنهاغن قبل عامين من الجنسية التي حصل عليها في عام 1988 بعد زواج 4 سنوات من مواطنة دنماركية مسلمة، الباب على سجال سحب الجنسية من مواطني دولة اسكندنافية. وتمنح الدنمارك الجنسية لمستحقيها من خلال جلسات برلمانية تناقش كل طلب. ويتطلب ذلك تلبية اشتراطات أهمها: إعلان الإيمان بقوانين البلد والإقامة فيه (9 سنوات للمهاجرين و8 للاجئين وعديمي الجنسية، وفترة أقل للمتزوجين من دنماركيين) وأن لا يكون الشخص مدينا بالمال للدولة، وأن يمتك سجلا عدليا نظيفا، وأن يثبت إجادته للغة بامتحانات رسمية وأن يجتاز اختبار المواطنة، الذي يشمل عديد الأسئلة المتعلقة بالتاريخ والثقافة والسياسة في البلد. أمن الدولة.. مدخل لسحب الجنسية بحسب قوانين الجنسية في الدنمارك، فإن ارتكاب “جرائم خطيرة” وصدور أحكام بالسجن تمنع الجنسية عن طالبها، إما بشكل دائم، أو مؤجل بحسب الأحكام، وقد يصل التأجيل إلى 20 سنة وأكثر. لكن، في أعقاب 11 سبتمبر/أيلول 2001 تبنت الدنمارك قانون “مكافحة الإرهاب”، وضمته إلى قوانين العقوبات 12 و13 المتعلقين بخرق خطير لأمن البلد والإرهاب. وأثار تجريد السلطات الدنماركية للدنماركي-المغربي سعيد (سام) منصور من الجنسية الدنماركية الجدل حول قضية “سهولة سحب الجنسية”. منصور احتفظ بجنسيته المغربية (أي مزدوج الجنسية) ولم يستطع خلال فترات محاكمته التخلي عنها.




اتهم منصور بتعريض أمن البلد للخطر، بسبب “إظهاره الدعم وتحريضه على هجمات إرهابية”، بحسب الادعاء، واتهامات خطيرة لاحقا بـ”نشر فكر القاعدة” من خلال أسطوانات مدمجة ومنشورات وصور، قبل مرحلة مواقع التواصل الاجتماعي، جعلته تحت أضواء الاستخبارات الدنماركية. ووجدت استخبارات دول أوروبية أخرى، مثل إيطاليا وألمانيا، مواد “تحريضية” أصدرها منصور في كوبنهاغن، أثناء حملات أمنية في تلك الدول، وربط اسمه في بريطانيا بصلاته مع شخصيات إسلامية مثيرة للجدل ومتهمة بدعم “التطرف والإرهاب”. وفي عام 2006 طالبت السلطات المغربية بتسلم سعيد منصور على خلفية “ربطه بأعمال إرهابية”، ورفضت محاكم كوبنهاغن تسليمه، رغم أن الرجل ملاحق في 2003 وفي نفس العام بتهمة “دعم الإرهاب”. وبالرغم انتقادات منظمة العفو الدولية وحقوقيين محليين في الدنمارك لمعاملة السلطات لسعيد منصور وملاحقته بسبب “التعبير عن الرأي”، إلا أن الادعاء العام في كوبنهاغن، والذي تابع الاتهامات التي وجهت له لسنوات والحكم عليه، كأول دنماركي وفق قانون “مكافحة الإرهاب”، في 2007 ثلاثة أعوام ونصف العام بحجة “التحريض على الإرهاب” أصر على طلبه تجريده من الجنسية. ورغم تغيير منصور لاسمه في 2014 إلى سام، بقيت قضيته في التداول كسابقة وقياس قانوني لطلب الادعاء في 2015 تجريده من الجنسية الدنماركية وترحيله بشكل دائم عن البلد، وهو الذي أيدته محكمة “شرق” في فريدركسبيرغ بكوبنهاغن.



ورغم استئناف منصور أمام المحكمة العليا في 2016 لقرار ترحيله وسحب جنسيته، فقد أيدت العليا الحكم السابق بتهمة “التحريض على الإرهاب”، ولم يشفع للرجل أن لديه 5 أبناء دنماركيين وحفيدين عدم تسليمه للسطات المغربية، التي لاتزال تتحفظ عليه، ويخشى محاميه ومنظمة “أمنستي” من تعرضه للتعذيب. سهولة التجريد من الجنسية تقول قوانين الدنمارك المعدلة، إنّ خسارة الجنسية يجب أن تتم أمام المحاكم وليس بقرار بيروقراطي أو سياسي. وبناء على قانون “الكذب بالمعلومات”، قرر في 2002 وبمفعول رجعي، تجريد بضعة أشخاص في 2008 و2009 من الجنسية بسبب الكذب حول الأصل وأسباب الهجرة أو اللجوء. حدث ذلك لأشخاص ادعوا أنهم من بلد وتبين بعد سنوات طويلة أنهم من بلدان أخرى. وبعد 20 سنة من الجنسية جرد أحد الباكستانيين بسبب ادعائه في 1987 أنه من أفغانستان للحصول على اللجوء.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});



لكن، توعد السياسيون وخصوصا وزيرة الهجرة، إنغا ستويبرغ، بعد ترحيل سعيد منصور إلى المغرب، أن التجريد من الجنسية والترحيل سيجري تطبيقه بشكل أوسع، يعني أن مواد القانون المتعلقة بسحب الجنسية ستأخذ من قضية سعيد منصور ما يسمى في المحاكم “حكم القياس”. اتفاق المشرعين، والأحزاب السياسية على تجريد منصور من الجنسية، جاء على خلفية الغضب الذي تسببت به مشاركته لفيديو أحد الإسلاميين الدنماركيين وهو يطلق النار على صور بعض السياسيين ورئيس وزراء الدنمارك الأسبق أندرس فورغ راسمسون، ما عدّ تحريضا على قتلهم. المثير أيضا في سحب الجنسية، في حالة تأييد المحاكم الطلب، أن الشخص المجرد لا يُبعد بالضرورة عن البلد، بل يمكن للبعض الاستمرار بالإقامة كمهاجرين، وتمنع عنهم الإعانات الاجتماعية. فيما على الجانب الآخر تمنع القوانين سحب الجنسية إذا كان الشخص سيصبح عديم الجنسية أو إن كان أصلا “بلا وطن”، وهو ما يطبق على الفلسطينيين وغيرهم.



وقياسا على سحب جنسية المغربي سعيد منصور، تسير محاكم الدنمارك نحو تطبيق أسهل لتجريد المتهمين بالإرهاب أو تهديد أمن الدولة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حكمت المحكمة العليا الدنماركية بتجريد شاب من أصل تونسي آدم يوهانسون، والده تونسي وأمه من جزر الفارو الدنماركية، من جنسيته الدنماركية، رغم أنه قضى طفولته كلها في البلد ومتزوج ولديه أطفال فيه، وقررت إبعاده مدى الحياة عن بلده بعد أن وجدته مذنبا بالانضمام إلى تنظيم “داعش”. هذه السهولة بسحب الجنسية يلاحظ أنها، وعلى عكس محاولات سابقة، لم تعد تأخذ بعين الاعتبار وجود أسرة (زوجة وأطفال) ومدى ارتباط الشخص بالدنمارك التي قد لا يعرف بلدا آخر غيرها كوطن، ولغة أحيانا، كما في حالة بعض شبان أعضاء عصابات يتواجدون الآن في السجون وبخطر الإبعاد إلى أوطان الآباء.



يشار إلى أن الجنسية الدنماركية تمنح امتيازات كثيرة لأصحابها، أسوة ببقية مواطني البلد من المشاركة في الانتخابات البرلمانية تصويتا وترشحا إلى تلقي الإعانات والضمان الاجتماعي وبقية حقوق المواطنة والسفر إلى عدد كبير من الدول بجواز سفر دنماركي دون الحاجة لتأشيرات مسبقة، ويفرض على مكتسبيها من الشباب ما يسمى “الخدمة الإلزامية” أو التجنيد في جيشها. وكانت قوانين الجنسية تمنع ازدواج الجنسية حتى عام 2014، بتعديل قانوني يشمل اتفاقيات مع بعض الدول خارج الاتحاد الأوروبي.​



ناصر السهلي

 8 يناير 2019
العربي الجديد


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى