أخبار الدنماركالدنمارك بالعربيالصحة

بحث دنماركي: كورونا ضرب العالم عام 1889

بحث دنماركي: كورونا ضرب العالم عام 1889

قبل 131 عاماً، انتشرت إنفلونزا روسية حول العالم أدت إلى مقتل نحو مليون شخص. واليوم، يواجه العالم كورونا. والمفاجأة هي ما كشفه باحثون دنماركيون، معلنين أن كورونا الحالي هو نفسه الذي تفشى عام 1889

يفيد بحث دنماركي صدر حديثاً بأن وباء الإنفلونزا 1889- 1890 أو إنفلونزا روسيا الذي بدأ في روسيا قبل أن ينتشر حول العالم، وأدّى إلى مقتل نحو مليون شخص في ذلك الوقت، ليس في الحقيقة إلّا جائحة كورونا شبيهة بالتي تفشّت قبل أشهر حول العالم.
واستعاد باحثون، من خلال برنامج وثائقي بثّ على التلفزيون الدنماركي، مساء الأربعاء الماضي، تحت عنوان “أسرار الأمراض القاتلة في الدنمارك”، بعض الأمراض والأوبئة خلال الـ 131 عاماً الماضية، منها فيروس سارس الذي انتشر في الصين عام 2003 وتمت السيطرة عليه، وفيروس آخر انتشر في السعودية عام 2012 من دون أن يتحول إلى وباء عالمي. ويشير عالما الفيروسات أندرس غورم بيدرسن ولونا سيمونسن إلى أن كورونا جائحة ضربت العالم في عام 1889. ونتيجة لإجراء دراسات تتعلّق بتاريخ ومسارات جائحة نهاية القرن التاسع عشر (1889)، وأرشيف المرض وأعراضه، تبين أن فيروس كورونا هو نفسه الذي انتشر في عام 1889 وتسبب في موت مليون إنسان حول العالم.

ويوضح الباحثون الدنماركيون أن وباء 1889 وصل إلى بلادهم من خلال باخرة شحن قدمت من سانت بطرسبرغ الروسية إلى ميناء كوبنهاغن في الدنمارك، وكان أحد ركابها مصاباً بالفيروس ونقل العدوى إلى القبطان إضافة إلى ستة من جنود ثكنة كوبنهاغن، لينتشر الوباء في معظم الأراضي الدنماركية.




وفي تتبّع السياق التاريخي والعلمي للوباء، فقد أصيب في ذلك الوقت 3500 شخص في كوبنهاغن وحدها، قبل أن ينتقل الفيروس إلى المدينة الثانية وسط غرب البلاد، آرهوس، إذ أن الناس كانوا يتنقلون بالقطارات من مدينة إلى أخرى. ويكشف الباحثون أن 75 في المائة من سكان الدنمارك في تلك الأيام أصيبوا بالعدوى. وتوصلت الباحثة سيمونسن، من خلال داتا الأمراض، إلى أن الناس أطلقوا على جائحة 1889 “الوباء الروسي” و”إنفلونزا روسيا”، مشيرة إلى أن تلك التسمية كانت خاطئة. تضيف: “على عكس الأشكال الأخرى لوباء الإنفلونزا، بما فيها الإنفلونزا الإسبانية (1918 – 1920)، وهي جائحة إنفلونزا قاتلة انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولى في أوروبا والعالم وخلفت ملايين القتلى، وتسبب في هذه الجائحة نوع خبيث ومدمر من فيروس الإنفلونزا أ (من نوع فيروس الإنفلونزا H1N1)، فإنّ وباء 1889 أدى إلى موت كبار السن بكثرة، والأعراض بدت متشابهة بشكل كبير لأعراض كورونا الحالي، كارتفاع درجات الحرارة والسعال والصداع والمشاكل التنفسية.
ويرى الباحثون في كوبنهاغن أنه مع تفشي كورونا من خلال خفاش حدوة الحصان (كما هو معتقد)، فإن “كورونا 1889 انتقل من البقر إلى البشر. ومن خلال تتبع تسلسل جينيوم (كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية) المرض، ثم الحمض النووي، يمكن تحديد الخصائص الوراثية للفيروس من خلال حواسيب عملاقة ومقارنتها بتلك التي احتوتها النوكليوتيدات (الوحدات الأساسية المكونة للحامض النووي التي تعمل على خزن ونقل المعلومات الوراثية) وأحرفها قبل 131 سنة وغيرها من الفيروسات”.
بعض الباحثين الدنماركيين الذين عملوا مدة ثلاثين عاماً في علم الفيروسات، يرون أنّ وباء 1889 ليس سوى كورونا. ويوضح العالم أندرس غورم بيدرسن أنه “عندما يصيب الفيروس خلية، يبدأ على الفور في إجراء نسخ من الجينوم، ما يسمح له بإنتاج عمل المزيد من الفيروسات داخل الإنسان وانتقاله إلى آخرين. وخلال تلك العملية تحدث أخطاء، هي التي نسميها طفرات”. يضيف، بحسب التلفزيون الدنماركي، أنّه كلّما كانت الفيروسات متباعدة في أصلها، زادت الطفرات، ومعرفة سرعة ووقت حدوث الطفرات يعطي مجالاً لقيامنا بعملية حسابية لوقت انفصال الفيروسات عن أسلافها. وبحسب الأبحاث، فإن الطفرات تحدث ست مرات في العام الواحد. وهذه الحسابات العلمية تجعل العلماء في الدنمارك يقولون إن وباء مر عليه 131 سنة هو تقريباً وباء كورونا. وإن كان انتقاله في ذلك الوقت، بحسابات علمية، من الأبقار إلى البشر، فقد ظلت العدوى تنتشر بين الملايين حول العالم وأدى إلى موت نحو مليون إنسان، إلى أن طور غالبية الناس ما يسمى بالأجسام المضادة.




وفي حال إسقاط وباء إنفلونزا 1889 على كورونا 2019، يتوقع العلماء أن يستمر الأخير نحو سنتين قبل أن يتراجع، حاله حال الوباء القديم. وخلال العامين، شهد العالم ثلاث موجات من الجائحة، وكانت الأولى والثانية أخف من الثالثة التي جاءت بقوة أكبر، وأدت إلى نسبة أكبر من الوفيات بحسب دراسة البيانات الصحية في ذلك الوقت. وتأمل سيمونسن عدم انتشار كورونا في الوقت الحالي، لأن ذلك “سيكون مدمراً لناحية أعداد الوفيات”.

وتبين الدراسات العلمية التي أعدها العلماء الدنماركيون أنه قبل 131 عاماً، لم تكن السلطات الصحية قادرة على القيام بإجراءات للحد من تفشي الجائحة كما هو الحال اليوم، والإجراءات الحالية ستبيّن مع الوقت إذا كنا قادرين على محاصرة الجائحة من عدمه. ويفيد الباحثون بأنهم يعرفون اليوم كيف يسير وباء كورونا إذا لم نقم بشيء للحد من تفشيه. بناء على ذلك، يجري تقييم مدى فائدة الإجراءات المتبعة لمحاصرته، بعدما أظهر الإغلاق والتباعد الاجتماعي نتيجة إيجابية للحد من انتشار كورونا حتى الآن. ويتوقّع العلماء الدنماركيون انتقاد بحثهم واستنتاجاتهم من قبل باحثين آخرين، ما سيفيد البحث العلمي ودراسة باحثين آخرين لوباء 1889 في بلادهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى