أربدك-Arbdk

بيان حول صيام رمضان هذا العام من الوقف الأسكندنافي



يجب الإلتزام ببداية يوم الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ومن أفطر قبل ذلك فسد صومه


فمع اقتراب شهر رمضان المعظم وما يقارنه هذا العام والأعوام القادمة من طول مفرط في نهاره، وقصر مفرط في ليله يتساءل المسلمون عن كيفية صيامهم وما يلحقهم من مشقة وحرج خاصة الشباب… وقد تناقل الناس فيما بينهم مقاطع فيديو لبعض العلماء يفتون المسلمين في بلاد اسكندنافيا بأن يفطروا على توقيت مكة المكرمة أو المدينة المنورة – وهو قول لبعض الفقهاء أخذت به دار الإفتاء المصرية في إصدار هذه الفتوى – وقد خالفها فيه أكثر الفقهاء والمجامع الفقهية مثل المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وفيما يلي نص فتواهم. وهنا سوف أورد ما جاء عن المجمعين ثم أختم بخلاصة مختصر للمسألة.


(1) القرارات الصادرة من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي: في يوم الخميس الموافق 10/4/1402هـ المصادف 4/2/1982م. على قرار ندوة بروكسل 1400هـ/1980م. وكذلك فتوى هيئة مجلس كبار العلماء في الدورة الثانية عشر المنعقدة في الرياض في الأيام الأولى من شهر ربيع الآخر عام 1398هـ كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة رقم (555) وتاريخ 16/1/1398 هـ


أولاً: بالنسبة لتحديد أوقات الصيام في شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم، مادام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وإن كان مجموع زمانهما أربعًا وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيرًا فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)[البقرة: من الآية187]. ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه، أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضًا شديدًا، أو يفضي إلى زيادة مرضه، أو بطء برئه- أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[البقرة: 185]. وقال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: من الآية286]. وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج: من الآية78].


ثانيًا: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفًا ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلًا وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض، لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى قال: «يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة»…. انتهى


(2) المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: فقد جاء في البحث المنشور بالمجلة العلمية للمجلس ما نصه: (( أما البلاد التي يكون نهارها طويلاً بأن يصل مثلاً إلى عشرين ساعة أو أكثر كما هو الحال بالنسبة لبعض بلاد أوروبا التي يصل فيها النهار في بعض الأوقات إلى 22 ساعة أو أكثر فإن صيام شهر رمضان واجب عليهم بدون خلاف، وذلك لوجود الليل وتمايزهما تمايزاً واضحاً ووجود زمن مناسب للأكل والشرب وهو الأكثر من ساعة، فالصوم الشرعي يبتدئ بنص القرآن الكريم من الفجر إلى الليل دون النظر إلى مدة الليل أو النهار، فإن مجرد طول النهار لا يعدّ عذراً شرعياً يبيح الفطر، وإنما يباح الفطر إذا غلب على ظن الإنسان بأمارة ظهرت أو تجربة وقعت أو بإخبار طبيب حاذق عادل أن صومه في هذه المدة يفضي إلى المرض، أو إلى اعياء شديد يضره فيكون حكمه حكم المريض الذي يخشى التلف، أو يزيد مرضه، أو يبطئ شفاؤه إذا صام، ومن هنا فإذا كان صومه في المدة الطويلة يؤدي إلى إصابته بمرض أو ضعف أو إعياء يقيناً أو في غالب الظن بإحدى الوسائل العلمية التي ذكرناها آنفاً حلّ له الترخيص بالفطر، وإذا كان لا يؤدي إلى ذلك حرم عليه الفطر، علماً بأن هذا الحكم ليس عاماً لأهل تلك البلاد من المسلمين وإنما يختلف الحكم حسب قدراتهم وحالاتهم، وقد أفتى بمثل ذلك فضيلة الشيخ حسنين مخلوف حيث قال : (وأما البلاد التي تطلع فيه الشمس وتغرب كل يوم إلاّ أن مدة طلوعها تبلغ نحو عشرين ساعة بالنسبة للصلاة التي يجب عليم أداؤها في أوقاتها لتميزها تميزاً ظاهراً، وبالنسبة للصوم يجب عليهم الصوم في رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هناك إلاّ إذا أدى الصوم إلى ضرر بالصائم وخاف من طول مدة الصوم الهلال أو المرض الشديد فحينئذ يرخص له الفطر، ولا يعتبر في ذلك مجرد الوهم والخيال، وإنما المعتبر عليه الظن بواسطة الأمارات او التجربة أو إخبار الطبيب الحاذق بأن الصوم يفضي إلى الهلاك أو المرض الشديد أو زيادة المرض، أو بطء البرء، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فلكل شخص حالة خاصة، وعلى من أن أفطر في كل هذه الأحوال قضاء ما أفطره بعد زوال العذر الذي رخص له من أجله الفطر و النصوص الشرعية قد حددت فترة الصيام بالنهار من الفجر إلى الليل فقال تعالى: ( وكلوا واشربوا حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ) فما دام الليل والنهار مميزين فيجب الالتزام بهما، ولا ينبغي الخروج إلاّ للضرورة، ولا ضرورة ههنا، إذ أن غير القادر على هذا الصيام الطويل لمرضه، أو ضعفه أو لأنه يؤدي إلى اعياء شديد أو نحو ذلك مما ذكرناه آنفاً يجوز له الافطار، ثم يجب عليه القضاء في وقت آخر مناسب )) العدد الأول للمجلة العلمية المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ص 111


(3) خلاصة القول في هذه القضية: أن الله تعالى قد حدد للمسلمين وقتاً للإمساك وبداية يوم الصيام هو طلوع الفجر الصادق، وحدد وقتاً للإفطار هو غروب الشمس، وهذه مواقيت ثابتة بنص القرآن والسنة الصحيحة، وهي علة حكم الإمساك والإفطار، فقال تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل…) سورة البقرة من الآية:187، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، فما دام الليل والنهار مميزين فيجب الالتزام بهما لأنها العلامة الشرعية التي حددت بها هذه العبادة. أما من لم يستطع إتمام الصوم بسبب طول اليوم، أو إخبار طبيب مسلم أمين حاذق، أو غلب على ظنه، أن الصوم يؤدي إلى مرضه مرضًا شديدًا، أو يفضي إلى زيادة مرضه، أو بطء شفائه فإنه يفطر وعليه أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان فإن حكمه حينئذ هو حكم المريض.


هذا والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى