الدنمارك بالعربي

ذئاب الدنمارك تنهشُ الماشية

في غابة قريبة من قرية في شمال غرب الدنمارك، بمنطقة ليمفيورد، تقول السيدة المزارعة “ميتا” لـ”العربي الجديد”، إن “نتيجة تحليل دي إن إي (الحمض النووي) أثبتت أن من التهم العجل الصغير هم الذئاب”. في هذه المناطق الواقعة على شواطئ بحر الشمال، تنتشر المزارع وتربية المواشي، وبعض السكان يخلط بين امتلاك الحظائر والعمل في الصيد.
في السنوات القليلة الماضية، عادت سيرة الذئاب، والخوف منها، لتنتشر مجدداً، بعد اختفاء هذه الكلبيات من أراضي الدنمارك بقنص آخرها في 1813.
ولا يخفي السُكّان المحلّيون انزعاجهم من “عودة إلى تاريخ ذكره لنا الآباء وعن أجدادهم، فالذئاب إذا ما انتشرت ستنشر الخوف والخسائر”، كما تذكُر ميتا. الخوف يمكن تلمُّسه حين حلَّ الظلام مُبكراً في النهار، فهذه هي طبيعة الشتاء في الشمال، فمن بين نحو 20 شخصاً لم يوافق سوى 5 على “نزهة التمشي بعد وجبة الظهيرة”. وتقول شابة في الثامنة عشرة، تدرس في أكاديمية الشرطة، بابتسامة مترددة بأنه “لا يوجد مكان للشجاعة في مواجهة ذئب جائع أو يشعر بالتهديد”. منطقة التنزّه هذه هي محمية طبيعية وطنية تقع بالقرب من ميناء هانستهولم، وحولها مناطق سكنية بمزارع كبيرة وبيوت متباعدة. بعض فلاحي المنطقة، وخصوصاً ممن يمارسون مهنة تربية المواشي بشتى الأنواع، بدؤوا يطالبون بـ”دعم وزارة الزراعة” لدفع تكاليف تسييج أراضيهم لحماية المواشي.
خبراء في مجال تحرك الذئاب أوصوا الدولة، أيضاً، برفض منح رخص إطلاق النار على قطيع الذئاب لقتلهم. توصية أخذت بها الدولة فرفضت منذ صيف العام الماضي منح أية رخصة للتعرض للذئاب. ويبدو أن “دائرة الحياة الطبيعية والبيئة” تشعر بأنه “يجب حماية الذئاب من القتل”. هذه الذئاب التي انقرضت من الدنمارك منذ 200 سنة ترى في عودتها انطلاقاً من ألمانيا، من جنوب هامبورغ، ولمسافة 450 كيلومتراً، “عودة إلى التوازن البيئي” الذي توليه كوبنهاغن حرصاً كبيراً. فيبدو أنّ مشاهدة “خبراء الطبيعة” لدياسم الذئاب دفع بهم للاعتقاد بأن قطيعاً بدا يستوطن ويتزواج في الطبيعة الدنماركية. والمذهل للخبراء، أن هذه الذئاب وصلت إلى آخر نقطة بريّة شمال الدنمارك، حيث يجب قطع المسافة نحو النرويج بحراً، ويظنُّ هؤلاء بأنّ قطيعاً يبحث عن مناطق أبرد في الشمال.
يوم الخميس الماضي، فوجئت المزارعة لوتا، تبعد عن مزرعة ميتا حوالى 150 كيلومترًا، بأنّ زوجها يصرخ بأن ذئبا يجري من المكان عند الظهيرة المظلمة، قبل أن يكتشفا بأنّه نهش بالفعل خروفاً صغيراً من قطيعهم. وفي المناطق التي يثبت فيها الفلاحون، عبر خبرات متخصصة بمتابعة الذئاب، وجود آثار لهم يمكنهم الحصول على دعم مالي لتسييج مزارعهم بأسلاك مكهربة لإبعاد الذئاب، لكن، يمنع منعا باتاً إيذاء هذه الحيوانات.
بل إنَّ “متحف التاريخ الطبيعي الدنماركي” في مدينة آرهوس يقول الجمعة الماضي إنه “لا داعي للخوف من الذئاب بسبب ما يُشاع عنها تاريخيّاً وملاحقتها وقتلها قبل نحو قرنين، فحين يرى الذئب السيارة لا يتحرك أو يهرب لأنه لا يراها تهديداً، وبمجرد أن تنزل من السيارة ستراه يفر من المكان باعتبارك تهديداً له، فلا توجد حالات هاجمها قطيع ذئاب في أوروبا”. وقدم المتحف نصائح عن كيفية مواجهة قطيع الذئاب “بالإبقاء على تواصل نظري مباشر، والتلويح بالذراعين ليهرب من المكان”.






(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى