أربدك-Arbdk

الملكة المتمردة التي هزت إمبراطورية الدنمارك تعود إليهم، لكن بحفاوة هذه المرة


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

كشف اثنان من الفنانين، السبت 31 مارس/آذار 2018، عن تمثال هو الأول من نوعه في الدنمارك لامرأة سوداء قادت ثورةً شعبيةً ضد الاستعمار الدنماركي، وهو تمثال فريد في هذا البلد الأوروبي، حيث يطغى على معظم التماثيل العامة فيه تجسيد رجال بيض. والتمثال مستوحى من شخصية ميري توماس، التي قادت انتفاضة عام 1878 التي تُعرف باسم حروق النار مع زعيمتين أخريين، واشتهر ثلاثتهن باسم “الملكات”، وقادت ميري ثورة شرسة ضد الحكم الاستعماري الدنماركي في منطقة الكاريبي، وفقاً لما ذكره تقرير لصحيفة The New York Times. النساء الثلاثة اللواتي شاركن في التمرد، أصبحن رمزاً لمقاومة القوة الاستعمارية في جزر الهند الغربية. وتعرفن باسم الملكة ميري والملكة آغنيس والملكة ماتيلدا. وقد ألقي القبض عليهن مع امرأة رابعة تدعى سوزانا أبراهامسون، وقضين جزءاً من عقوبتهن في سجن كريستيانهافن للنساء في كوبنهاغن في ثمانينيات القرن التاسع عشر. ويبلغ ارتفاع تمثال الملكة ميري نحو 23 قدماً، وتمت تغطية رأسها وهي تحملق بعينيها إلى الأمام، بينما تجلس حافية القدمين على مقعد ملكي عريض، ممسكةً بشعلة في إحدى يديها، وأداة يتم استخدامها في تقطيع قصب السكر في اليد الأخرى. وقاد تحرك ميري مع الزعيمتين الأخريين إلى إشعال النيران في 50 مزرعة، ومعظم أنحاء مدينة فريدريك ستيد، الواقعة على الساحل الغربي لجزيرة سانت كروا، فيما عُرفت بكونها أكبر ثورة عمالية في التاريخ الاستعماري الدنماركي. وقالت لافون بيل، فنانة جزر فيرجن وإحدى القوتين الرئيسيتين وراء إنشاء التمثال، في بيان لها: “يقدم هذا المشروع اعتراضاً على الذاكرة الجماعية للدنمارك ويهدف إلى تغييرها”.
اندلاع الثورة
ويأتي الكشف عن التمثال في الذكرى المئوية لقيام الدنمارك، ببيع ثلاثة جزر إلى الولايات المتحدة، في 3 مارس/آذار 1917، وهي جزر سانت كروا، وسانت جون، وسانت توماس، وبلغ ثمن الجزر الثلاث 25 مليون دولار. ورغم أن الدنمارك حظرت تجارة الرقيق عبر الأطلنطي عام 1792، إلا أنها لم تسارع لتطبيق هذا الحظر، وتم تطبيق القانون بعد مرور 11 عاماً، واستمرت تجارة الرقيق حتى عام 1848. ونقلت الصحيفة الأميركية عن نيلز بريمنز، الأستاذ المشارك من جامعة آرهوس وكبير خبراء شؤون الاستعمار في الدنمارك، قوله: “كانوا يريدون ملء الخزائن أولاً”، والتأكد من وجود عدد كاف من العبيد للعمل في المزارع. وبعد انقضاء 3 عقود من حظر العبودية رسمياً، فيما يُعرف حالياً باسم جزر فيرجن الأميركية، لم تتحسن أحوال “العبيد” السابقين إلى حدٍّ كبيرٍ. وأدّى ذلك الظلم المستمر إلى اندلاع الثورة في سانت كروا. ويتواجد التمثال الذي تم نحته تكريماً لها، والمعروف حالياً باسم “أنا الملكة ميري”، أمام مخزن سابق لتخزين السكر وشراب الروم الكاريبي، وعلى مسافة أقل من ميل واحد من السجن الذي تم احتجازها به. وكانت ميري توماس قد تعرَّضت للمحاكمة لدورها في الثورة، ونُقلت عبر الأطلنطي إلى أحد سجون النساء في كوبنهاغن. ويعد تمثال الشخصية العامة من غرينلاند هو التمثال الآخر الوحيد الذي تم نحته، إجلالاً لمستعمرات الدنمارك، أو لهؤلاء الذين تم استعمارهم. وقالت الفنانة الدنماركية جانيت إهلرز، التي شاركت بيل في صنع تمثال الملكة ميري: “98% من التماثيل في الدنمارك تمثل رجالاً من البيض”. وذكرت الفنانة في بيانٍ لها أن الشعلة ومنجل قصب السكر اللذين يمسك بهما التمثال في يديه، يرمزان إلى استراتيجيات المقاومة، من قبل الخاضعين للاستعمار. وأضافت: “يعيد وضع جلوسها إلى الأذهان صورة هوي نيوتن الرمزية عام 1967، مؤسس حزب الفهد الأسود”.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

تمثال يجعل النسيان أمراً صعباً
وتتضمن القاعدة التي يستقر عليها المقعد “قطعاً مرجانية من المحيط جمعها العبيد الأفارقة من أطلال المباني التاريخية بجزيرة سانت كروا”. وقال هنريك هولم، كبير أمناء معرض الفنون القومي بالدنمارك في بيان له “إن تمثالاً كهذا يجعل النسيان أمراً صعباً للغاية. ويتطلب الأمر تمثالاً كهذا للكفاح ضد الصمت والإهمال والقمع والكراهية”. وأضاف: “لم يتم نحت تمثال كهذا من قبل على الأراضي الدنماركية. والآن، تحظى الدنمارك بتمثال يتحدث عن الماضي، ولكنه يمثل أيضاً عملاً فنياً للمستقبل”. وتبدو الدنمارك التي يبلغ تعداد سكانها 5.5 مليون نسمة في طليعة البلدان الديمقراطية، ورغم أن الفايكنج قد اغتصبوا ونهبوا المناطق الساحلية لبريطانيا وأيرلندا، إلا أن عصر الفايكنج بصفة عامة يعد مصدراً للفخر الوطني والتسلية في الدنمارك. فعلى مدار القرون، لم يتعرض الشعب الدنماركي لتصفية حسابات بشأن آلاف الأفارقة، الذين تم نقلهم قسراً بالسفن الدنماركية للعمل في المزارع بالمستعمرات الدنماركية في منطقة الكاريبي، وفقاً لما أوردته كتب التاريخ. وقال البروفيسور بريمنز: “ربما يرتبط الأمر بتاريخ الدنمارك باعتبارها قوة استعمارية ترى أنها “لم تكن سيئة كالقوى الأخرى”. وأضاف: “ولكننا كنا سيئين مثل الآخرين. لا أستطيع أن أجد استعماراً دنماركياً إنسانياً”. وخلال كلمته العام الماضي، أعرب رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوك راسموسن عن أسفه، عن مشاركة بلاده في تجارة الرقيق، ولكنه لم يقدم اعتذاراً رسمياً. وقال: “تم إنشاء العديد من منازل كوبنهاغن القديمة الجميلة من الأموال، التي حُصدت من خلال استغلال الجانب الآخر من الكوكب. إنه ليس جزءاً نفخر به من تاريخ الدنمارك. إنه أمر مخزٍ، ولحسن الحظ أنه أصبح من الماضي”.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى