الدنمارك بالعربي

تفوق المهاجرين… أبناء اللاجئين متساوون مع الدنماركيين



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

يحاول المهاجرون في الدنمارك أن يثبتوا أهليتهم في المجتمعات المضيفة سواء في المدرسة أو في العمل، وهو ما أوردته دراسة أكاديمية أخيرة. تشير دراسة حديثة حول أبناء المهاجرين في الدنمارك إلى أنّ نسبة هؤلاء الذين ينتهي بهم المطاف بلا عمل أو دراسة من بينهم انخفضت بشكل كبير عما كانت عليه قبل عشرين عاماً. وبالمقارنة مع أقرانهم الدنماركيين باتوا “يؤدون أداء متساوياً”. وهذه الدراسة الشاملة التي أجراها باحثون في جامعة “كوبنهاغن”، تشير إلى أنّه “في عام 1997، شكل هؤلاء الأبناء ربع أعداد المهاجرين حين وصلوا كأطفال مع أهاليهم، والآن تراوح أعمارهم بين 20 و22 سنة، ويبدو واضحاً أنّه “منذ عام 2014 بدأت الأمور تنقلب إيجابياً، فهناك فقط 1 من 10 من هؤلاء الأبناء المهاجرين ليس لديه عمل أو دراسة، وهي النسبة نفسها للدنماركيين من الفئة العمرية نفسها، وهو ما يعتبر انخفاضاً كبيراً في نسب من لا يعمل شيئاً من بينهم”، بحسب الباحث المشارك في الدراسة كريستوفر جميل دي مونتغومري، من مركز الصحة الشعبية في جامعة “كوبنهاغن”. وفقاً لكريستوفر جميل دي مونتغومري، فإنّ افتراض فشل أبناء المهاجرين الذي ساد سابقاً، جعل كثيرين يعتقدون أنّ تلك الفئة في وضع متدهور وبائس، لكنّ “بحثنا يؤكد العكس تماماً”، كما يقول. وعادة ما تستغل الأحزاب المتشددة مثل هذا الافتراض لبثّ دعوات لتشديد القوانين وتسويق أنّه “يستحيل دمج المهاجرين في الدنمارك”.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

ويلاحظ الباحثون أنّ الفتيات هن الأكثر نجاحاً وأداء بين من شملتهم الدراسة البحثية الشاملة. فقد أشارت إلى أنّ أرقام عام 1997 تشير إلى أنّ 33 في المائة من الفتيات اللواتي كبرن في الدنمارك من أصل مهاجر، كنّ بلا عمل أو دراسة، لكنّ النسبة تدنت عام 2014 إلى نحو 5 في المائة. يتابع دي مونتغومري أنّه “لاحظنا انخفاض نسبة الشابات من أصل مهاجر اللواتي يجري تزويجهن قبل سن الثالثة والعشرين، وحتى هؤلاء المتزوجات قبل ذلك السن، بات أداؤهن أفضل بكثير عن السنوات الماضية”. يعتبر الباحثون أنّ هذه التغيرات الإيجابية ترتبط بنوعية المهاجرين الذين استقبلتهم الدنمارك قبل 20 عاماً “وهو ما ساهم في تغير النتائج بحسب انطباعاتنا، خصوصاً في ما يتعلق بدول منشأ آباء هذه الفئة، فهي تؤثر في النتائج إلى جانب أعمار الأطفال حين حضروا إلى البلد والحالة النفسية للأهل، والعلاج من آثار الصدمات الذي قدم لهؤلاء المهاجرين لمساعدتهم على حياة أفضل في الدنمارك. وهو ما انعكس تحسناً في أداء أبناء المهاجرين خلال العشرين عاماً الماضية”. ويبدو الباحثون أكثر اقتناعاً بأنّ المؤسسات “يمكنها أن تستفيد مما توصلنا إليه، للبحث عن وسائل وطرق تفيد في عملية الدمج والتعاطي مع حالات الامتناع عن العمل والدراسة لدى فئة الشباب ذوي الأصل المهاجر ممن حضروا كأطفال، بالتركيز خصوصاً على الأسباب التي جعلت هذه الفئة أفضل وضعاً وأداء”. عادة ما تأخذ مؤسسات الحكومة الدنماركية بنتائج مثل هذه الأبحاث، وبذلك يعتبر الباحثون أنّ بعض ما يفسر التطور الإيجابي يمكن رده أيضاً إلى أنّ “المدارس العامة في الدنمارك باتت أفضل لدمج أطفال المهاجرين، وربما أصبحت البلديات تحسن التعامل مع أسر المهاجرين، إلى جانب الأعمال التطوعية كتلك التي تقدم مساعدة مجانية لتحسين أداء الأطفال لواجباتهم المدرسية”.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

عرض الباحثون قصة الشابة سوما مايل، التي حضرت من أفغانستان مع أهلها في سن السابعة عام 2001، بعدما حصلت والدتها وأشقاؤها على إقامة لمّ شمل مع أبيهم اللاجئ. ففي حالة سوما التي انتقلت إلى منزل في قرية صغيرة بشمال الدنمارك لاقت سهولة في تقبل المجتمع المحلي لها، خصوصاً في صف الاستقبال بالمدرسة المحلية التي رحبت بها، وبدا سهلاً عليها تعلم اللغة، كونها محاطة بأطفال دنماركيين، مع مساعدة الجيران في الفروض المنزلية المدرسية، إذ لم يكن بإمكان والديها مساعدتها في ذلك: “لكنّ هذين الوالدين قدما كلّ الدعم لابنتهما لاستكمال الدراسة، مع شعور سوما بنفسها أنّ النظام التعليمي في الدنمارك يساعدها على تكوين شخصيتها من خلال الاستقبال الجيد لها، إذ لم يمضِ وقت طويل قبل أن ينتخبها التلاميذ رئيسة لمجلسهم، وقبل انتهاء المرحلة الابتدائية كانت سوما قد كونت حلمها بفتح صالون حلاقة خاص بها، وهو حلم طفولتها في بلدها، وبعد المرحلة الثانوية مباشرة فتحت الصالون، لكنّها لاحقا بدأت دراسة الحقوق في جامعة كوبنهاغن”، بحسب الباحثين الذين بيّنوا فوائد الجمع بين استقبال المجتمع المحلي ودعم الأسرة للفتاة. اعتمد معدّو الدراسة مرحلتين في بحثهم، هما: المرحلة الأولى للهجرة (1986 – 1994)، وفيها وصلت نسبة المنخرطين في دراسة أو عمل إلى 40 في المائة فقط من الفئة العمرية ما بين 20 و22 سنة. والمرحلة الثانية (2000 – 2005)، التي ارتفعت فيها نسبة من يدرسون أو يعملون إلى 60 في المائة بين أبناء المهاجرين من الشريحة العمرية نفسها


عتبر الاقتصادية وكبيرة الباحثين في المركز الوطني للبحوث الاجتماعية وتحليل الرفاهية، فيبيكا ياكوبسن، أنّ “التحصيل العلمي هو مفتاح هذا التطور، إذ يرفع مؤشر العمل لاحقاً لدى هذه الفئة الشابة”. تشير إلى أنّ “تغيراً في المعايير يمكن ملاحظته بين كثير من المهاجرين أخيراً، فقد أصبح أكثر مشروعية بالنسبة لفئة الشباب، خصوصاً الفتيات، ربط الأمور كلها بالتحصيل العلمي، والقناعة بأنّه لا يمكنك الحصول على عمل في البلاد من دون تحصيل علمي”. تتابع أنّ “القدرة على التكيف تلعب دوراً كبيراً، فقد عايش الأبناء حالة الآباء الذين واجهوا صعوبة في الحصول على عمل من دون دراسة، فقدمت تلك التجربة حافزاً ودافعاً لهؤلاء للمضي نحو تحصيل علمي واندماج أفضل”. بالرغم من ذلك، فإن الباحثين ومسؤولي أقسام دمج في بلديات مختلفة، يحذرون من الإفراط بالتفاؤل “فقد تدفق عدد كبير من الأطفال خلال السنوات الأخيرة، وبعضهم ضمن نظام لمّ الشمل، وهو أيضاً ما يعتبر تحدياً للبلديات في مجال دمجهم”، وفقاً لمسؤولة قسم الدمج في بلدية روسكيلدا، جنوب كوبنهاغن، ماريا تفارنو. تضيف: “كانت الفئة التي تتحدث عنها الدراسة أكثر قابلية للتكيف واستيعاب البلديات لأعدادها وحالاتها، فيما نحن اليوم أمام تحدٍ حقيقي مع فئة لاجئين عانوا من عنف وصدمات وخسائر جمة، إن كان في بلادهم التي تعاني من حروب، أو في مخيمات اللجوء في دول الجوار، كاللاجئين السوريين، وهو ما يستدعي المزيد من الجهود مع فئات من الأهل والأطفال الذين يعانون من أمّية، وبعضهم في سن متقدم يصعب دمجهم في النظام التعليمي في الدنمارك، بعدما فقدوا سنوات دراسية بسبب الحرب في بلادهم الأصلية”

طموحات جامعية أكبر ربطت جامعة “كوبنهاغن” دراستها الأخيرة باستطلاع أجراه “المركز الوطني للبحوث الاجتماعية وتحليل الرفاهية”، إذ اعتبر 47 في المائة من الأهالي المهاجرين أنّهم يتوقعون أن يتجه أبناؤهم بعد سن 18 نحو الدراسة الجامعية، فيما كانت النسبة لدى الأهالي الدنماركيين 29 في المائة فقط. وأشار الباحثون إلى أنّ الأهالي المهاجرين “لديهم طموحات أكبر لأبنائهم”.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});



********

ناصر السهيلي 
********


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى