السويد

“رسائل مُسربة كشفت الكارثة”.. كيف فشلت “مناعة القطيع” السويدية في احتواء كورونا؟

الدنمارك بالعربي ـأخبار السويد :بعد شهر من إعلان فيروس كورونا المستجد مرضًا خطيرًا اجتماعيًّا في فبراير الماضي؛ سعت وكالة الصحة العامة السويدية للحصول على مناعة القطيع عوضًا عن اتخاذ خطوات جادة للتخفيف من حدة تفشي الفيروس، وفقًا لما أظهرته وثائق سرية داخلية.

ووفقًا لما نشرته مجلة فورين بوليسي؛ فإن هذا القرار المصيري المبكر شكّل استجابة السويد بأكملها للوباء، وكان مُبررًا لعدم إصدار قرارات بفرض ارتداء الأقنعة وجعل نظام الاختبار عشوائي.

لا تعد استجابة السويد الفاشلة لفيروس كورونا خبرًا جديدًا، فقد اعترف ملك البلاد كارل جوستاف في خطابه السنوي بمناسبة عيد الميلاد بأن الحكومة السويدية فشلت في التعامل مع الوباء.

وأضاف: “لقد عانى شعب السويد جدًا في ظروف صعبة.. يفكر المرء في جميع أفراد الأسرة الذين صادف أنهم لم يتمكنوا من توديع أفراد أسرهم المتوفين”.

ولكن، رسائل البريد الإلكتروني الخاصة، التي اطلعت عليها فورين بوليسي، تكشف أن السلطات الصحية السويدية كانت تستسلم لفكرة مناعة القطيع، بغض النظر عن تكلفته.

طوال فترة الوباء، قالت السلطات الصحية السويدية شيئًا واحدًا علنًا وشيئًا مختلفًا في السر حول جوانب إدارتها للأزمة، أنكرت الحكومة علنًا وبشكل متكرر نيتها بنشر الفيروس، وهو جزء من التعتيم الإعلامي على الاستراتيجية التي اعتمدها في التعامل من الجائحة.

“نتيجة قاتلة”

راهنت السويد على إحساس المواطنين بالمسؤولية والواجب المدني، واكتفت بإصدار التوصيات دون معاقبة من يتجاهلها، وبالتالي لم تفرض الحكومة إغلاقا كاملاً أبدًا، وبقت الحانات والمطاعم مفتوحة، وسجلت ما يزيد عن 390 ألف حالة إصابة وأكثر من 8270 وفاة، أكثر بكثير من جيرانها الاسكندنافيين.

كانت النتيجة الاستراتيجية السويدية في التعامل مع الجائحة قاتلة. بينما تصدرت دول مثل الولايات المتحدة، البرازيل، والهند عناوين الأخبار لتسجيلها أكبر عدد من الوفيات المرتبطة بفيروس كورونا، زاد معدّل الوفيات في السويد عن 80 لكل 10 ألف شخص، وهو المعدّل الأعلى في أوروبا ويبلغ حوالي 10 أضعاف العدد في النرويج وفنلندا، وأربع أضعاف الأعداد في الدنمارك.

يرتفع عدد الحالات التي يتم احتجازها في المستشفى هناك الآن بشكل أسرع من معظم الدول الأوروبية الأخرى، فيما أشارت فورين بوليسي إلى أن السويد تهتم الآن بالمرضى المحتجزين في المستشفى أكثر مما كانت عليه في ذروة الموجة الأولى.

بحلول الـ21 من ديسمبر، تجاوزت السويد الولايات المتحدة وجميع الدول الأوروبية الكبرى في عدد الإصابات المؤكدة اليومية، وخرجت الأمور عن السيطرة في ستوكهولم لدرجة أن النرويج المجاورة، قررت لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وضع قوات على الحدود لمنع السويديين من العبور.

“السويد الأسوأ”

قال تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الصادر في نوفمبر، إن السويد كانت الأسوأ بين 35 دولة أوروبية من حيث مقاييس إدارة الفيروسات التاجية المتعددة بما في ذلك تقليل انتشار العدوى، والحد من حركة المواطنين، وإخراج المرضى من وحدات العناية المركزة.

الاستراتيجية التي تعاملت بها السويد مع الوباء مهمة، ليس فقط لتأثيرها على التعداد السكاني الذي يزيد عن 10 ملايين نسمة، ولكن لأن النهج الذي اتبعته ستوكهولم خلال الجائحة كان نموذجًا يُحتذى به في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

في الولايات المتحدة، أشاد سكوت أطلس، مستشار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بشأن فيروس كورونا، بنهج السويد حتى مع أدائها الكارثي مقارنة بجيرانها.

قال تقرير نشرته مجلة بوليتيكو إن مستشاري البيت الأبيض روجوا علنًا لمناعة القطيعة، واستشهدوا بدراسة للباحث السويدي توم بريتون قال فيها إن مناعة القطيع تتحقق بعد إصابة 43 % من السكان بالعدوى، وهو تقدير أقل كثيرًا مما طرحه معظم علماء الأوبئة الآخرين.

قال بريتون لفورين بوليسي بأن تقديراته المتعلقة بمناعة القطيع كانت خاطئة وغير صحيحة، مُشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين أساءوا تفسير دراسته، وأن استخدام بحثه في يونيو من أجل الترويج لفكرة مناعة القطيع لم يكن صائبًا.

رغم ذلك؛ قال المسؤولون للشعب السويدي إنهم لا يهدفون إلى نشر مناعة القطيع.

“مزيج من الإجراءات”

وقال عالم الأوبئة السويدي أندريس تيغنيل، إن الاستراتيجية تعتمد على مجموعة من الإجراءات القانونية والاختيارية، موضحًا أن النهج الأفضل في حالة السويد هو المزج بين الاثنين.

ووفقا لتقرير رسمي صدر في وقت سابق من ديسمبر، فقد فشلت الاستراتيجية في جهودها لحماية كبار السن في دور الرعاية، والتي أقرت الحكومة بمسؤوليتها عنها.

وتقول الحكومة إن أكثر من 90% من الوفيات المرتبطة بكوفيد كانت بين أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، ونحو نصف جميع الوفيات الناجمة عن كوفيد كانت في دور الرعاية. كما صرح رئيس الوزراء لوفين إنه يشعر أن العديد من الخبراء قد استهان بالموجة الثانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى