السويد

محاكمة السفيرة السويدية السابقة في الصين.. واتهامات بالجملة

 الدنمارك بالعربي – تقارير من السويد : السفيرة السويد السابقة في الصين، آنا ليندستيد، تحاكم بالسويد بتهمة تجاوز صلاحياتها وتهديد الأمن الوطني عبر محاولة التفاوض لإطلاق سراح معارض.وتواجه ليندشتيد عقوبة بالسجن لعامين في حال إدانتها بعقد لقاء غير مرخّص في يناير العام الماضي عندما كانت سفيرة.

كيف بدأت القصة :

واجهت سفيرة السويد في الصين آنا ليندستيد القضاء السويدي خلال الشهور الماضية، في قضية تاريخية نادرة لم تشهد مثلها السويد من قبل. اتهمت من خلالها السفيرة بجملة تهم من العيار الثقيل ضمت تهمة التخابر مع قوى خارجية وتهديد العلاقات بين الصين والسويد وتجاوز مهامها الموكلة إليها، وغيرها.

غوي مينهاي ناشر سويدي من أصول صينية

باشرت المخابرات السويدية بفتح تحقيق وشرعت شرطة الأمن السويدية في إجراء تحقيق أولي مع السفيرة السويدية بتهمة تجاوز الصلاحيات والتفاوض مع جهات خارجية فضلًا عن تهديد الأمن القومي.

وهي تهم قد تعرضها لعقوبة السجن لسنتين على الأقل، وقد تصل إلى 18 سنة أو السجن مدى الحياة. أما وزارة الخارجية، فأقالت ليندستيد من منصبها، لكنها أبقتها موظفة في الوزارة دون منصب.

وأثيرت هذه الزوبعة في وجه آنا ليندستيد في أعقاب منشور لآنجيلا، ابنة الكاتب السويدي من أصول صينية غوي مينهاي -المعتقل حاليًا في الصين- نشرته على مدونتها في فبراير/ شباط 2019 عن “تجربة غريبة” خاضتها مع سفيرة السويد في الصين التي دعتها إلى ستوكهولم في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي.

وذكرت أنجيلا أن الاجتماع جرى في حانة تابعة لفندق في العاصمة السويدية، بحضور السفيرة السابقة ورجلي أعمال قيل أن لهما اتصالات داخل الحزب الشيوعي الصيني، زعما أنهما سيساعدانها في الإفراج عن والدها.

في المقابل، قيل لأنجيلا أن الإفراج عن والدها يتوقف على وقف حملتها المناهضة للحكومة الصينية وتجنب التحدث إلى وسائل الإعلام.

نفت السفارة الصينية في ستوكهولم أي تورط لها بالأمر، وقالت وزارة الخارجية السويدية إنها لم تكن على علم بالأحداث وأنها أرسلت رسالة في البريد الإلكتروني تطالبها بالنأي بنفسها عن هذه القضية، الأمر الذي تنكره السفيرة جملة وتفصيلًا، وأكدت الوزارة للصحافة أنه تم استدعاء السفيرة وأن تحقيقًا داخليا في الحادث جار الآن.

كانت ستواجه ليندستيد عقوبة السجن لعامين في السويد في حال إدانتها. لكن السفيرة السابقة أنكرت التهم الموجهة إليها وادعت إعلام مسؤوليها بالاجتماع، الادعاء الذي نفته وزارة الخارجية مؤكدة على أن السفيرة السابقة تصرفت دون تكليف.

ودافع 21 دبلوماسيًا عن زميلتهم، وانتقدوا قرار تحويل القضية إلى الشرطة، وقالوا في مقال صحافي نشر في فبراير/ شباط إن ليندستيد تصرفت ضمن صلاحياتها كسفيرة.

بدأت محاكمة آنا ليندستيد يوم الجمعة 5 يونيو/ حزيران الماضي، وتعد هذه المرة الأولى منذ عام 1794 التي يتهم فيها دبلوماسي بارتكاب جرائم ضد أمن المملكة. لكن محكمة ستوكهولم ارتأت تبرئة السفيرة السابقة وإسقاط التهم الموجهة إليها بعد أن أثبت أن لا أساس لها من الصحة.

أما غوي مينهاي، فهو ناشر سويدي من أصول صينية، حكمت عليه المحكمة الصينية بالسجن لمدة 10 سنوات بعدما أدانته بنشر معلومات سريّة في قضية هزت أركان العلاقة الدبلوماسية بين بكين وستوكهولم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

عمل غوي في هونغ كونغ -ذات الحكم الذاتي- لحساب دار النشر «مايتي كارنت»، وتمكن من نشر كتب تتضمن معلومات عن الحياة الخاصة للقادة وهي معلومات محظورة في الصين، مستغلًا فسحة الحرية التي تتمتع بها هونغ كونغ.

آنا كيرستين إيريكا ليندستيد

وطالبت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندا، بالإفراج عن الناشر غوي مينهاي، عقب صدور الحكم بحبسه، مؤكدة على أنه ما زال مواطناً سويدياً. وقالت: «فعلنا كل ما بوسعنا، لكن للأسف لم نفلح في مساعينا.»

وفقد غوي وأربعة من زملائه في العام 2015 في تايلاند، حيث كان يقضي عطلته، ليظهر بعد فترة وجيزة في سجن صيني ويقرّ على شاشة التلفزيون الرسمي الصيني بأنّه سلّم نفسه للسلطات بسبب تورّطه في حادث مروري وقع في نينغبو في العام 2003 أسفر عن مصرع طالبة.

وأعلنت السلطات آنذاك أنها أفرجت عنه في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن ابنته أنجيلا أكدت أنه وضع في الإقامة الجبرية في نينغبو. وفي يناير/ كانون الثاني 2018، أوقف غوي من جديد في قطار متوجه إلى بكين، بينما كان برفقة دبلوماسيين سويديين. وظهر بعد ذلك من جديد على التلفزيون الصيني ليتهم السويد بأنها استخدمته ليعترف بأنه خالف القانون.

لكن مؤيّديه وأسرته يتهمون السلطات الصينية باعتقاله لأسباب سياسية قمعية لإسكات المعارضين للنظام ومنتقديه. وتوقع كثيرون أن تتدهور العلاقات بين السويد والصين بشكل كبير بسبب توقيف غوي مينهاي. فأدانت ستوكهولم بشدة في فبراير/ شباط 2018 التوقيف الوحشي لغوي في القطار عندما كان برفقة دبلوماسيين سويديين، معتبرة أنه مخالف للقواعد الدولية الأساسية حول الدعم القنصلي.

وعبرت الصين عن غضبها عندما منحت وزيرة الثقافة السويدية -غيابياً- في نوفمبر/ تشرين الثاني، جائزة جمعية الدفاع عن الكتاب لغوي مينهاي غيابيًا. وهدد سفير الصين ستوكهولم بإجراءات عقابية، وألغت بكين زيارة لوفدين من أرباب العمل الصينيين إلى السويد. ثم حكمت على غوي في فبراير/ شباط من هذا العام بالسجن عشرة أعوام بتهمة تقديم معلومات استخبارية في الخارج، وورد في بيان المحكمة إن غوي اعترف بالتهم الموجهة إليه ووافق على الحكم ولن يقدم طلب استئناف.

فهل تطوى صفحة غوي ويغض الطرف عن قضيته ليصبح كبش الفداء لإصلاح العلاقات الصينية السويدية بعد المطب الأخير الذي تعرضت له؟

تقارير/AKTARR

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى